الاخوات السلفيات
السلام عليكم مرحبا بكم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الاخوات السلفيات
السلام عليكم مرحبا بكم
الاخوات السلفيات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تــتــمــة مــتــن كـــشــف الــشـبــهـات للـشــيـــخ مــحـــمـــد بن عـبد الــوهــاب رحمه الله

اذهب الى الأسفل

تــتــمــة مــتــن كـــشــف الــشـبــهـات للـشــيـــخ مــحـــمـــد بن عـبد الــوهــاب رحمه الله Empty تــتــمــة مــتــن كـــشــف الــشـبــهـات للـشــيـــخ مــحـــمـــد بن عـبد الــوهــاب رحمه الله

مُساهمة من طرف ام معاد الآثرية الخميس يوليو 10, 2014 10:55 am

فإن قال: أنا لا أعبد إلا الله، وهذا الإلتجاء إليهم، ودعاؤهم ليس بعبادةٍ.

فقل له: أنت تقر أن الله افترض عليك إخلاص العبادة لله، وهو حقه عليك؟ [فإذا قال: نعم، فقل له: تبين لي هذا الذي فرض عليك، وهو إخلاص العبادة لله وحده وهو حقه عليك] فإن كان لا يعرف العبادة ولا أنواعها، فبينها له بقولك: قال الله تعالى: ﴿ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾[الأعراف:55].

فإذا أعلمته بهذا فقل له: هل علمت هذا عبادة لله؟ فلا بد أن يقول لك: نعم، و"الدعاء مخ العبادة".

فقل له: إذا أقررت أنه عبادة لله ودعوت الله ليلاً ونهاراً خوفاً وطمعاً، ثم دعوت في تلك الحاجة نبياً أو غيره هل أشركت في عبادة الله غيره؟ فلا بد أن يقول: نعم، فقل له: فإذا عملت بقول الله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾[الكوثر:2]، وأطعت الله ونحرت له هل هذا عبادة؟ فلا بد أن يقول: نعم. فقل له: إذا نحرت لمخلوق: نبي أو جني أو غيرهما، هل أشركت في هذه العبادة غير الله؟ فلا بد أن يقر، ويقول نعم.

وقل له أيضاً: المشركون الذين نزل فيهم "القرآن"، هل كانوا يعبدون الملائكة، والصالحين، واللات، وغير ذلك؟ فلا بد أن يقول: نعم، فقل له: وهل كانت عبادتهم إياهم إلا في الدعاء، والذبح، والالتجاء، ونحو ذلك؟ وإلا فهم مقرون أنهم عبيده، وتحت قهره، وأن الله هو الذي يدبر الأمر، ولكن دعوهم والتجئوا إليهم للجاه والشفاعة، وهذا ظاهر جدا.

فإن قال: أتنكر شفاعة رسول الله وتبرأ منها؟

فقل: لا أنكرها، ولا أتبرأ منها، بل هو الشافع والمشفع وأرجو شفاعته، ولكن الشفاعة كلها لله كما قال تعالى: ﴿قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيع﴾[الزمر:44] ولا تكون إلا من بعد إذن الله كما قال عز وجل: ﴿مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾[البقرة:255].

ولا يشفع النبي في أحد إلا من بعد أن يأذن الله فيه، كما قال تغالى: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾[الأنبياء:28]، وهو لا يرضى إلا التوحيد، كما قال تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ ٍ[آل عمران:85]، فإذا كانت الشفاعة كلها لله ولا تكون إلا بعد إذنه ولا يشفع النبي ولا غيره في أحدٍ حتى يأذن الله فيه، ولا يأذن الله – تعالى - إلا لأهل التوحيد؛ تبين لك أن الشفاعة كلها لله، فأطلبها منه وأقول: اللهم لا تحرمني شفاعته، اللهم شفعه في، وأمثال هذا.

فإن قال: النبي أعطي الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله.

فالجواب: أن الله أعطاه الشفاعة ونهاك عن هذا فقال: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَد﴾[الجن:18]. وطلبك منالله شفاعة نبيه عبادة، والله نهاك أن تشرك في هذه العبادة أحدًا، فإذا كنت تدعو الله أن يشفع نبيه فيك، فأطعه في قوله ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَد﴾[الجن:18].

وأيضاً فإن الشفاعة أعطيها غير النبي ، فصح أن الملائكة يشفعون، والأفراط يشفعون والأولياء يشفعون، أتقول: إن الله أعطاهم الشفاعة وأطلبها منهم؟ فإن قلت هذا، رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكر الله في "كتابه"، وإن قلت: لا، بطل قولك :"أعطاه الله الشفاعة، وأنا أطلبه مما أعطاه الله".

فإن قال: أنا لا أشرك بالله شيئا،ً حاشا وكلا، ولكن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك.

فقل له: إذا كنت تقر أن الله حرم الشرك أعظم من تحريم الزنا وتقر أن الله لا يغفره، فماهذا الأمر الذي حرمه الله، وذكر أنه لا يغفره فإنه لا يدري، فقل له: كيف تبرئ نفسك من الشرك، وأنت لا تعرفه؟ أم كيف يحرم الله عليك هذا، ويذكر أنه لا يغفره ولا تسأل عنه ولا تعرفه، أتظن أن الله يحرمه ولا يبينه لنا؟

فإن قال: الشرك: عبادة الأصنام، ونحن لا نعبد الأصنام.

فقل له: ما معنى عبادة الأصنام؟ أتظن أنهم يعتقدون أن تلك الأخشاب، والأحجار تخلق، وترزق، وتدبر أمر من دعاها؟ فهذا يكذبه "القرآن".

وإن قال: هو من قصد "خشبة"، أو "حجراً"، أو "بنية" على قبر أو غيره يدعون ذلك ويذبحون له ،ويقولون: إنه يقربنا إلى الله زلفى، ويدفع عنا ببركته، ويعطينا ببركته.

فقل: صدقت، وهذا فعلكم عند "الأحجار"، و"الأبنية" التي على القبور وغيرها.

فهذا أقر أن فعلهم هذا هو عبادة الأصنام؛ فهو المطلوب.

ويقال له أيضاً :قولك: "الشرك عبادة الأصنام"، هل مرادك أن الشرك مخصوص بهذا، وأن الاعتماد على الصالحين ودعاءهم، لا يدخل في ذلك؟ فهذا يرد ما ذكره الله في "كتابه" من تعلق على "الملائكة"، أو "عيسى" أو "الصالحين". فلا بد أن يقر لك أن من أشرك في عبادة الله أحداً من الصالحين فهو الشرك المذكور في "القرآن" وهذا هو المطلوب.

وسر المسألة أنه إذا قال: أنا لا أشرك بالله، فقل له: وما الشرك بالله؛ فسره لي؟

فإن قال: هو عبادة الأصنام. فقل: وما معنى عبادة الأصنام فسرها لي ؟

فإن قال :أنا لا أعبد إلا الله وحده، فقل: ما معنى عبادة الله وحده فسرها لي؟ فإن فسرها لي. فإن فسرها بما بينه "القرآن" فهو المطلوب، وإن لم يعرفه فكيف يدعي شيئاً وهو لا يعرفه، وإن فسر ذلك بغير معناه بينت له الآيات الواضحات في معنى الشرك بالله، وعبادة الأوثان، وأنه الذي يفعلونه في هذا الزمان بعينه، وأن عبادة الله وحده لا شريك له هي التي ينكرون علينا، ويصيحون كما صاح إخوانهم حيث قالوا: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾[ص:5]

فإن قال: إنهم لا يكفرون بدعاء الملائكة والأنبياء، وإنما يكفرون لما قالوا: "الملائكة بنات الله"، فإنا لم نقل: عبد القادر ابن الله، ولا غيره. فالجواب: إن نسبة الولد إلى الله كفر مستقل، قال الله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ﴾[الإخلاص:2،1]، و"الأحد": الذي لا نظير له، و"الصمد": المقصود في الحوائج. فمن جحد هذا؛ فقد كفر، ولو لم يجحد السورة. وقال تعالى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ﴾[المؤمنون:91]، ففرق بين النوعين، وجعل كلا منهما كفراً مستقلاً. وقال تعالى: ﴿وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾[الأنعام:100]، ففرق بين كفرين. والدليل على هذا -أيضًا- أن الذين كفروا بعبادة الجن لم يجعلوهم كذلك، وكذلك أيضاً العلماء في جميع المذاهب الأربعة يذكرون في باب حكم المرتد أن المسلم إذا زعم أن لله ولداً؛ فهو مرتد، ويفرقون بين النوعين، وهذا في غاية الوضوح.

وإن قال: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾[يونس:62]. فقل: هذا هو الحق، ولكن لا يُعبدُون، ونحن لم ننكر إلا عبادتهم مع الله، وشركهم معه وإلا فالواجب عليك حبهم واتباعهم والإقرار بكرامتهم، ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال. ودين الله وسط بين طرفين، وهدى بين ضلالتين، وحق بين باطلين.

فإذا عرفت أن هذا الذي يسميه المشركون في زماننا "كبير الاعتقاد"، هو الشرك الذي أنزل الله في "القرآن"، وقاتل رسول الله الناس عليه، فاعلم أن شرك الأولين أخف من شرك أهل زماننا بأمرين:

أحدهما: أن الأولين لا يشركون ولا يدعون الملائكة والأولياء والأوثان مع الله إلا في الرخاء، وأما في الشدة فيخلصون لله الدين، كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾[العنكبوت:65]

وقال تعالى:﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُور﴾[الإسراء:67]، وقوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ﴾[الأنعام:40،41]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ﴾ إلى قوله:﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾[الزمر:8]، وقوله: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾[لقمان:32].

فمن فهم هذه المسألة التي وضحها الله في "كتابه"، وهي أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله يدعون الله تعالى، ويدعون غيره في الرخاء. وأما في الضر والشدة فلا يدعون إلا الله وحده لا شريك له، وينسون ساداتهم، تبين له الفرق بين شرك أهل زماننا وشرك الأولين، ولكن أين من يفهم قلبه هذه المسألة فهماً راسخاً؟ والله المستعان.

والأمر الثاني: أن الأولين يدعون مع الله أناساً مقربين عند الله: إما أنبياء، وإما أولياء، وإما ملائكة ويدعون أحجاراً أو أشجاراً مطيعة لله ليست عاصية، وأهل زماننا يدعون مع الله أناساً من أفسق الناس، والذين يدعونهم هم الذين يحكون لهم الفجور: من الزنى، والسرقة، وترك الصلاة، وغير ذلك، والذي يعتقد في الصالح أو الذي لا يعصي -مثل الخشب والحجر- أهون ممن يعتقد فيمن يشاهد فسقه وفساده ويشهد به.

إذا تحققت أن الذين قاتلهم رسول الله أصح عقولاً وأخف شركاً من هؤلاء. فاعلم أن لهؤلاء شبهة يوردونها على ما ذكرنا. وهي من أعظم شبههم: فاصغ سمعك لجوابها.

وهي إنهم يقولون: إن الذين نزل فيهم "القرآن" لا يشهدون أن لا إله إلا الله: ويكذبون الرسول ، وينكرون البعث، ويكذبون "القرآن" ويجعلونه سحراً، ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ونصدق "القرآن"، ونؤمن بالبعث، ونصلي ونصوم، فكيف تجعلوننا مثل أولئك؟!

فالجواب: أنه لا خلاف بين العلماء كلهم أن الرجل إذا صدق رسول الله في شئ وكذبه في شئ أنه كافر لم يدخل في الإسلام. وكذلك إذا آمن ببعض "القرآن" وجحد بعضه، كمن أقر بالتوحيد، وجحد وجوب الصلاة، أو أقر بالتوحيد، والصلاة، وجحد وجوب الزكاة، أو أقر بهذا، كله وجحد الصوم، أو أقر بهذا كله، وجحد وجوب الحج. ولما لم ينقد أناس في زمن النبي للحج، أنزل الله في حقهم ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾[آل عمران:97] .ومن أقر بهذا كله وجحد البعث كفر بالإجماع وحل دمه وماله، كما قال جل جلاله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِينا﴾[النساء:151،150]، فإذا كان الله قد صرح في "كتابه" أن من آمن ببعضٍ وكفر ببعضٍ فهو الكافر حقاً، وأنه يستحق ما ذكر. زالت هذه الشبهة. وهذه هي التي ذكرها بعض "أهل الأحساء" في كتابه الذي أرسله إلينا.

ويقال أيضاً: إذا كنت تقر أن من صدق الرسول في كل شئ، وجحد وجوب الصلاة، فهو كافر حلال الدم، والمال بالإجماع، وكذلك إذا أقر بكل شئ إلا البعث، وكذلك إذا جحد وجوب صوم رمضان، وصدق بذلك كله، ولا تختلف المذاهب فيه، وقد نطق به "القرآن" كما قدمنا، فمعلوم أن التوحيد هو أعظم فريضة جاء بها النبي ، وهو أعظم من الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج. فكيف إذا جحد الإنسان شيئاُ من هذه الأمور كفر؟ ولو عمل بكل ما جاء به الرسول ، وإذا جحد التوحيد الذي هو دين الرسل كلهم لا يكفر؟ سبحان الله! ما أعجب هذا الجهل!

ويقال أيضاً: هؤلاء أصحاب رسول الله قاتلوا بني حنيفة، وقد أسلموا مع النبي ، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويؤذنون ويصلون ، فإن قال: إنهم يقولون: أن مسيلمة نبي، قلنا: هذا هو المطلوب، إذا كان من رفع رجلا في رتبة النبي ، كفر، وحل ماله ودمه، ولم تنفعه الشهادتان، ولا الصلاة، فكيف بمن رفع شمسان، أو يوسف، أو صحابيا، أو نبيا، في مرتبة جبار السموات والأرض؟! سبحان الله ما أعظم شأنه ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾[الروم:59]

ويقال أيضاً: الذين حرقهم علي بن أبي طالب بالنار، كلهم يدعون الإسلام، وهم من أصحاب علي ،وتعلموا العلم من الصحابة، ولكن اعتقدوا في علي، مثل الاعتقاد في يوسف وشمسان وأمثالهما، فكيف أجمع الصحابة على قتلهم وكفرهم؟ أتظنون أن الصحابة يكفرون المسلمين؟ أم تظنون أن الاعتقاد في تاجٍ وأمثاله لا يضر، والاعتقاد في علي بن أبي طالب يكفر؟

ويقال أيضاً: بنو عبيدٍ القداحِ الذين ملكوا "المغرب" و"مصر" في زمان بني العباس، كلهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويدعون الإسلام، ويصلون الجمعة والجماعة، فلما أظهروا مخالفة الشريعة في أشياء دون ما نحن فيه، أجمع العلماء على كفرهم وقتالهم، وأن بلادهم بلاد حرب، وغزاهم المسلمون حتى استنقذوا ما بأيديهم من بلدان المسلمين.

ويقال أيضاً: إذا كان الأولون لم يكفروا إلا لأنهم جمعوا بين الشرك وتكذيب الرسول و"القران"، وإنكار البعث، وغير ذلك، فما معنى الباب الذي ذكر العلماء في كل مذهب: "باب: حكم المرتد" وهو: المسلم الذي يكفر بعد إسلامه، ثم ذكروا أنواعاً كثيرة كل نوعٍ منها يكفر ويحل دم الرجل وماله، حتى أنهم ذكروا أشياء يسيرة عند من فعلها، مثل كلمة يذكرها بلسانه دون قلبه، أو يذكرها على وجه المزح واللعب.

ويقال أيضاً: الذين قال الله فيهم: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ﴾[التوبة:74] أما سمعت أن الله كفرهم بكلمة، مع كونهم في زمن رسول الله ويجاهدون معه، ويصلون معه، ويزكون ،ويحجون، ويوحدون، وكذلك الذين قال الله فيهم: ﴿قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾[التوبة:66،65] فهؤلاء الذين صرح الله أنهم كفروا بعد إيمانهم وهم مع رسول الله في غزوة تبوك، قالوا كلمة ذكروا أنهم قالوها على وجه المزح.

فتأمل هذه الشبهة وهي قولهم: تكفرون المسلمين أناساً يشهدون أن لا إله إلا الله ويصلون ويصومون،ثم تأمل جوابها. فإنه من أنفع ما في هذه الأوراق.
ومن الدليل على ذلك أيضاً: ماحكى الله-تعالى- عن بني إسرائيل مع إسلامهم، وصلاحهم، وعلمهم أنهم قالوا لموسى: ﴿اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾[الأعراف:138]، وقول أناسٍ من الصحابة: (اجعل لنا ذات أنواط )فحلف النبي أن هذا مثل قول بني إسرائيل لموسى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً .

ولكن للمشركين شبهة يدلون بها عند هذه القصة. وهي أنهم يقولون: إن بني إسرائيل لم يكفروا بذلك، وكذلك الذين قالوا للنبي : (اجعل لنا ذات أنواط ) لم يكفروا.

فالجواب: أن تقول: إن بني إسرائيل لم يفعلوا، وكذلك الذين سألوا النبي لم يفعلوا، ولا خلاف في أن بني إسرائيل لو فعلوا ذلك لكفروا، وكذلك لا خلاف في أن الذين نهاهم النبي ،لو لم يطيعوه واتخذوا ذات أنواط بعد نهيه؛ لكفروا، وهذا هو المطلوب.

ولكن هذه القصة تفيد أن المسلم، بل العالم، قد يقع في أنواع من الشرك لا يدري عنها. فتفيد التعلم والتحرز ومعرفة أن قول الجهال: "التوحيد فهمناه": أن هذا من أكبر الجهل ومكايد الشيطان. وتفيد أيضاً أن المسلم إذا تكلم بكلام كُفر، وهو لا يدري. فنبه على ذلك وتاب من ساعته، أنه لا يكفر، كما فعل بنو إسرائيل، والذين سألوا النبي ، وتفيد أيضاً: أنه لو لم يكفر فإنه يغلظ عليه الكلام تغليظاً شديداً كما فعل رسول الله .

ولهم شبهة أخرى: يقولون: إن النبي أنكر على أسامة قتل من قال:" لا إله إلا الله". وقال : (أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ ) وكذلك قوله: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله )، وأحاديث أخرى في الكف عمن قالها.

ومراد هؤلاء الجهلة: أن من قالها لا يكفر، ولا يقتل، ولو فعل ما فعل.

فيقال لهؤلاء المشركين الجهال: معلوم أن رسول الله قاتل اليهود وسباهم وهو يقولون: "لا إله إلا الله"، وأن أصحاب رسول الله قاتلوا بني حنيفة، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويصلون، ويدعون الإسلام، وكذلك الذين حرقهم على بن أبي طالب بالنار، وهؤلاء الجهلة مقرون أن من أنكر البعث كفر وقتل، ولو قال: "لا إله إلا الله"، وأن من جحد شيئاً من أركان الإسلام كفر، وقتل، ولو قالها، فكيف لا تنفعه إذا جحد فرعاً من الفروع، وتنفعه إذا جحد التوحيد الذي هو أساس دين الرسل ورأسه؟! ولكن أعداء الله ما فهموا معنى الأحاديث.

فأما حديث أسامة فإنه قتل رجلاً ادعى الإسلام بسبب أنه ظن أنه ما ادعاه إلا خوفاً على دمه وماله>والرجل إذا أظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك،وأنزل الله في ذلك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُو﴾[النساء:94] أي فثبتوا، فالآية تدل على أنه يجب الكف عنه والتثبت، فإذا تبين منه بعد ذلك ما يخالف الإسلام قتل لقوله تعالى: ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ولو كان لا يقتل إذا قالها لم يكن للتثبيت معنى، وكذلك الحديث الآخر وأمثاله، معناه ما ذكرناه: إن من أظهر الإسلام والتوحيد وجب الكف عنه، إلا أن يتبين منه ما يناقض ذلك.

والدليل على هذا أن رسول الله هو الذي قال: (أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟) ، وقال:( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولون لا إله إلا الله) هو الذي قال في الخوارج: (أينما لقيتومهم فاقتلوهم). (لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد )مع كونهم أكثر الناس عبادةً، وتهليلاً، حتى أن الصحابة يحقرون أنفسهم عندهم، وهم تعلموا العلم من الصحابة، فلم تنفعهم لا إله إلا الله، ولا كثرة العبادة، ولا ادعاء الإسلام لما ظهر منهم مخالفة الشريعة، وكذلك ما ذكرناه من قتال اليهود، وقتال الصحابة بني حنيفة.

وكذلك أراد أن يغزو بني المصطلق لما أخبره رجل منهم أنهم منعوا الزكاة، حتى أنزل الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾[الحجرات:6]، وكان الرجل كاذباً عليهم، فكل هذا يدل على أن مراد النبي في الأحاديث ما ذكرناه.

ولهم شبهة أخرى: وهي ما ذكر النبي أن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم، ثم بنوح، ثم بإبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى، فكلهم يعتذر حتى ينتهوا إلى رسول الله ،قالوا: فهذا يدل على أن الاستغاثة بغير الله ليست شركاً.

فالجواب أن نقول: سبحان من طبع على قلوب أعدائه، فإن الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها، كما قال –تعالى- في قصة موسى: ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾[القصص:15] وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحرب، و غيرها من الأشياء التي يقدر عليها المخلوق، ونحن أنكرنا استغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء، أو في غيبتهم، في الأشياء التي لا يقدر عليها إلا الله.

إذا ثبت ذلك فالاستغاثة بالأنبياء يوم القيامة يريدون منهم أن يدعوا الله أن يحاسب الناس، حتى يستريح أهل الجنة من كرب الموقف، وهذا جائز في الدنيا والآخرة: أن تأتي عند رجل صالح حي يجالسك، ويسمع كلامك، وتقول له: ادع الله لي، كما كان أصحاب رسول الله يسألونه ذلك في حياته. وأما بعد موته فحاشا وكلا أنهم سألوه ذلك عند قبره، بل أنكر السلف على من قصد دعاء الله عند قبره، فكيف دعاؤه نفسه ؟

ولهم شبهة أخرى: وهي قصة إبراهيم-عليه السلام- لما ألقي في النار، اعترض له جبريل في الهواء فقال له:" ألك حاجة؟ فقال إبراهيم أما إليك فلا"، قالوا: فلو كانت الاستغاثة شركا لم يعرضها على إبراهيم.

فالجواب: أن هذا من جنس الشبهة الأولى. فإن جبريل عرض عليه أن ينفعه بأمر يقدر عليه، فإنه كما قال الله –تعالى- فيه: ﴿شَدِيدُ الْقُوَى﴾ [النجم:5] فلو أذن له أن يأخذ نار إبراهيم، وما حولها من الأرض، والجبال، ويقلبها في المشرق، أو المغرب لفعل، ولو أمره أن يرفعه إلى السماء لفعل، وهذا كرجل غني له مال كثير يرى رجلاً محتاجاً فيعرض عليه أن يقرضه أو أن يهبه شيئاً يقضي به حاجته، فيأبى ذلك الرجل المحتاج أن يأخذ ويصبر حتى يأتيه الله برزق لا منة فيه لأحد، فأين هذا من استغاثة العبادة والشرك لو كانوا يفقهون؟!

ولنختم الكلام-إن شاء الله تعالى- بمسألة عظيمة مهمة جدًا تفهم مما تقدم، ولكن نفرد لها الكلام لعظم شأنها، ولكثرة الغلط فيها فنقول:

لا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان والعمل فإن اختل شئ من هذا لم يكن الرجل مسلماً، فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند، كفرعون وإبليس وأمثالهما. وهذا يغلط فيه كثير من الناس يقولون هذا حق، ونحن نفهم هذا، ونشهد أنه الحق ولكن لا نقدر أن نفعله، ولا يجوز عند أهل بلدنا إلا من وافقهم، و غير ذلك من الأعذار، ولم يدر المسكين أن غالب أئمة الكفر يعرفون الحق، ولم يتركوه إلا لشئ من الأعذار، كما قال تعالى: ﴿اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلا﴾[التوبة:9] وغير ذلك من الآيات، كقوله: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ﴾[البقرة:146] فإن عمل بالتوحيد عملاً ظاهراً وهو لا يفهمه ولا يعتقده بقلبه، فهو منافق، وهو شر من الكافر الخالص ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾[النساء:145]

وهذه المسألة: مسألة كبيرة طويلة، تبين لك إذا تأملتها في ألسنة الناس، ترى من يعرف الحق ويترك العمل به، لخوف نقص دنيا أو جاه أو مداراة، وترى من يعمل به ظاهراً لا باطناً، فإذا سألته عما يعتقده بقلبه فإذا هو لا يعرفه. ولكن عليك بفهم آيتين من "كتاب الله":

أولاهما: ما تقدم من قوله: ﴿لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾[التوبة:66] فإذا تحققت أن بعض الصحابة الذين غزوا الروم مع رسول الله كفروا بسبب كلمة قالوها على وجه المزح واللعب، تبين لك أن الذي يتكلم بالكفر ويعمل به خوفاً من نقص مالٍ، أو جاهٍ، أو مداراة لأحد، أعظم ممن يتكلم بكلمة يمزح بها.

والآية الثانية قوله تعالى: ﴿مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾[النحل:107،106] فلم يعذر الله من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئناً بالإيمان، وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه، سواء فعله خوفاً، او طمعًا، أو مداراة، أو مشحةً بوطنه، أو أهله، أو عشيرته، أو ماله، أو فعل على موجه المزح، أو لغير ذك من الأغراض، إلا المكره.

فالآية تدل على هذا من وجهتين:

الأول: قوله: ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ﴾، فلم يستثن الله تعالى إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لا يكره إلا على العمل أو الكلام ، وأما عقيدة القلب فلا يكره أحد عليها.

والثاني: قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ﴾فصرح أن هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد والجهل، أوالبغض للدين ومحبة الكفر، وإنما سببه أن له في ذلك حظا من حظوظ الدنيا فآثره على الدين، والله سبحانه وتعالى أعلم.

والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين
ام معاد الآثرية
ام معاد الآثرية

المساهمات : 29
تاريخ التسجيل : 09/07/2014
العمر : 28
الموقع : akhawatsalafiyat

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى